الإيدز.. تحطيم خط الدفاع (2)

الجسم يصبح عرضة للهجوم من كل تلك الكائنات الدقيقة



في الجزء الأول من هذا الموضوع تحدثنا عن مرض الإيدز وكيف ظهر للمرة الأولى، والآن نستكمل الحديث عن هذا المرض المميت.

المضاعفات
لأن المرض يضعف مناعة الجسم، فإن الجسم يصبح عرضة للهجوم من كل تلك الكائنات الدقيقة التي تتطفل على الإنسان، إضافة إلى زيادة احتماليّة الإصابة بأنواع معينة من السرطان.

•الإصابات البكتيرية:

الالتهاب الرئوي: هناك عشرات الأنواع من البكتيريا التي يمكن أن تتسبب في الالتهاب الرئوي، وبالنسبة لمريض الإيدز، فإن مجرد الإصابة بدور برد بسيط فإنه قد يتحول لديه إلى التهاب رئوي قاتل.

السلّ: في الدول النامية والفقيرة، يمثل السلّ أحد أهم الأمراض التي تصيب المريض بالإيدز.
هناك ملايين الأشخاص في العالم مصابون بإصابة مزدوجة من الإيدز والسل.
هناك علاقة وثيقة بين المرضين بحيث يساعد أحدهما على تطوّر الآخر، فوجود الإيدز يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالسل، كما أن وجود السل يؤدي إلى تنشيط فيروس الإيدز.

السالمونيللا: تأتي السالمونيللا من الأطعمة الملوثة، وأعراضها هي إسهال شديد وحمى ورعشة وقيء. صحيح أن أي شخص يمكن أن يصاب بالسالمونيللا، إلا أن مريض الإيدز أكثر عرضة للإصابة بها بكثير.

أورام حميدة: في جدران الأوعية الدموية، تنتج عن الإصابة ببكتيريا Bartonella Henselae، والتي تبدأ في الظهور على شكل بقع حمراء أو بنفسجية على الجلد تشبه سرطان كابوسي، ويمكنها أن تصيب أيضا الكبد والطحال.


•إصابات فيروسية:

الالتهاب الكبدي الوبائي: من الأنواع A وB وC، وأحيانا الأنواع الأخرى الأكثر ندرة أيضا، مع ما يتضمنه هذا من حدوث الصفراء والإرهاق المزمن وفقدان الشهية وآلام البطن، ثم تليف الكبد أو حدوث سرطان الكبد.

الهيربس: وعادة ما يصيب المنطقة التناسلية ويتسبب في قروح مؤلمة والتهاب في الجلد.

الفيروس مضخم الخلايا Cytomegalovirus: وهو فيروس ينتقل عن طريق جميع سوائل الجسم، ويؤدي إلى تضخم الخلية المصابة ويؤدي إلى تلف العينين والرئتين وباقي الأعضاء التي يصل إليها.

فيروسات الورم الحليمي البشري Human Papillomavirus: وهي مجموعة من الفيروسات المتنوعة التي تصيب الجلد والأغشية المخاطية وتسبب دمامل وثآليل جلدية حميدة، لكن بعضها قد يتطوّر إلى سرطان.


•إصابات فطرية:

فطر الكانديدا: من الشائع جدا الإصابة بفطر الكانديدا عند مريض الإيدز، وهذا الفطر يسبب طبقة سميكة بيضاء على اللسان والأغشية المخاطية بالفم، وأحيانا المريء، والمهبل.

التهاب السحايا الفطري: حيث تصاب الأغشية السحائية المحيطة بالمخ بالفطر، مسببا صداعا شديدا وحمى وتصلبا في الرقبة وحساسية ضد الضوء. إذا لم يعالج هذا المرض مبكرا جدا فإنه يكون مميتا.


•إصابات طفيلية:

الالتهاب الرئوي الفطري: حيث تنمو فطريات من نوع الخمائر في الرئتين مسببة صعوبة في التنفس وكحة قوية ومزمنة.

التوكسوبلازما: وهو الطفيل الذي ينتقل عن طريق التعامل مع القطط، وفي حالة مرضى الإيدز يكون مرضا خطيرا لأنه يصل إلى المخ.

داء خفيات الأبواغ Cryptosporidiosis: وهو مرض يتسبب فيه طفيل يعيش عادة في أمعاء الحيوانات، وتحدث الإصابة عن طريق تناول طعام ملوث بالطفيل. ينمو الطفيل في الأمعاء والقنوات المرارية مسببا إسهالا شديدا جدا.


•السرطانات:

سرطان كابوسي Kaposi's Sarcoma: نوع نادر من السرطان يصيب جدران الأوعية الدموية، من النادر جدا أن يصاب به شخص غير مصاب بالإيدز. يبدو هذا النوع من السرطان يظهر على شكل بقع حمراء أو أرجوانية على الجلد والفم، وفي الأشخاص ذوي البشرة الداكنة تبدو البقع بلون بني أو أسود.

سرطان الغدد الليمفاوية الغير هودجكيني Non-Hodgkin lymphoma: وهو نوع من السرطان يصيب الخلايا الليمفاوية، وهي إحدى أنواع خلايا الدم البيضاء، وتتركز في العقد الليمفاوية والطحال ونخاع العظم.
يبدأ السرطان على شكل انتفاخ في العقد الليمفاوية خاصة في الرقبة وتحت الباط وفي خنّ الرجل.


•مضاعفات أخرى:

متلازمة الهزال Wasting syndromee:: حالة من فقدان الوزن مع ضمور في العضلات وإرهاق وضعف عام مع فقدان للشهية.

مضاعفات عصبية: بالرغم من أن الفيروس لا يغزو الخلايا العصبية، فإنه يسبب أعراضا مثل النسيان، والاكتئاب، والقلق، والاضطراب، مع تغيرات في السلوك وصعوبة في المشي، كما أن الحالة العقلية تتأثر سلبا كذلك.


التشخيص..

يتم تشخيص المرض عن طريق عمل اختبار للدم للكشف عن الأجسام المضادة للفيروس. للأسف ليست اختبارات الكشف عن الفيروس دقيقة جدا؛ لأنه يمكن أن يكون الشخص مصابا بينما لم تتكون لديه الأجسام المضادة للفيروس بعد؛ ذلك لأن هذه الأجسام المضادة تتكون بعد فترة طويلة من الإصابة تقدّر بحوالي 12 أسبوعا، وفي بعض الحالات قد لا تتكون الأجسام المضادة قبل ستة أشهر.

ولسنوات طويلة كان الاختبار الوحيد المعروف للإيدز هو اختبار إليزا ELISA.
يتم إجراء الاختبار فإذا كان إيجابيا يعاد مرة أخرى، فإذا كان إيجابيا أيضا يتم إجراء اختبار يدعى Western blot test يكشف عن وجود بروتين الفيروس، وهذا الاختبار ضروري لأنه يمكن أن تكون هناك أجسام مضادة أخرى في الدم تؤدي إلى نتيجة زائفة.
إذا كانت نتيجة هذا الاختبار إيجابية أيضا تأكدنا أن الشخص مصاب بالإيدز. عيب هذه الطريقة أن الأمر يحتاج إلى حوالي أسبوعين لتظهر النتائج.

هناك الآن عدة طرق أحدث وأسرع للحصول على النتائج في حوالي 20 دقيقة فقط، لكن هذه الطرق غير متوفرة سوى على نطاق ضيق في بعض دول العالم فقط.

وفي الولايات المتحدة هناك اختبار منزلي يمكن أن يجرى للتأكد من وجود المرض دون أن يكشف الشخص عن شخصيته، حيث يقوم الشخص بشراء عبوة معينة يأخذ بها نقطة من دمه ويرسلها بالبريد إلى عنوان معين، وفي خلال 3 – 7 أيام يتم إرسال النتيجة له، وهذه الطريقة تضمن عدم الكشف عن هوية الشخص الذي يريد أن يتأكد من وجود أو عدم وجود المرض.


العلاج..
عندما اكتشف المرض للمرة الأولى في الثمانينيات، كانت هناك خيارات محدودة لدى الأطباء عند اختيار علاج الفيروس والأمراض المصاحبة له، لكن اليوم هناك الكثير من العقاقير الجديدة التي طُوِّرَت لعلاج الإيدز وما يصاحبه من مشاكل.
بالطبع ليس هناك علاج شافٍ تماما من الإيدز، لكنها أشياء تجعل الحياة محتملة وتقلل من سرعة تهور الحالة وبالتالي تمدّ في عمر المريض.

يعتمد العلاج الأساسي على تعاطي الأدوية المضادة للفيروسات، والتي تمنع نمو الفيروس وتوقف عملية استنساخه لنفسه داخل الخلايا.

هذه الأدوية تساهم في تقليل كمية الفيروس الموجود في الدم إلى نسبة قليلة جدا، لكن هذا لا يعني أنه اختفى تماما. وعادة ما يستخدم لتحقيق هذا الأمر مجموعة من ثلاثة أدوية مضادة للفيروسات وأحيانا أكثر، طالما ظل المريض متحملا للآثار الجانبية لهذه الأدوية.

هذا بالطبع إضافة إلى علاج الأمراض الأخرى التي يصاب بها المريض. للأسف فإن مضادات الفيروسات التي تستخدم في علاج الإيدز مكلفة جدا، ولهذا فإنها غير متوفرة في كثير من دول العالم.