وعدتك...أن أحسم الأمر فورا...
وحين رأيت الدموع تهرهر من مقلتيك...
أرتبكت....
وحين رأيت الحقائب في الأرض
أدركت أنك لا تقتلين بهذه السهولة..
فأنت البلاد.....و أنت القبيلة...
و أنت القصيدة قبل التكون...
أنت الدفاتر .....
أنت المشاوير.....
أنت الطفولة.....
وأنت نشيد الأناشيد....
أنت المزامير....
أنت المضيئة....
أنت الرسولة....
وعدت ....
بألغاء عينيك من دفتر الذكريات
ولم أك أعلم أني سألغي حياتي
ولم أكن أعلم أنك ...
-رغم الخلاف الصغير-أنا...
وأني أنت.....
وعدتك أن لا أحبك.......
-يا للحماقة-
ماذا بنفسي فعلت؟؟؟؟
لقد كنت أكذب من شدة الصدق
و الحمد لله أني كذبت.....
وعدتك ..
أن لا أكون هنا بعد خمس دقائق...
ولكن...الى أين أذهب؟؟؟
ان الشوارع مغسولة بالمطر...
الى أين أدخل؟؟؟
ان مقاهي المدينة مسكونة بالضجر...
الى أين أبحر وحدي؟؟؟؟
وأنت البحار...
وأنت القلوع...
وأنت السفر....
فهل ممكن...
أن أظل لعشر دقائق أخرى
لحين أنقطاع المطر؟؟؟؟
أكيد بأني سأرحل بعد رحيل الغيوم
وبعد هدوء الرياح......
والا...
سأنزل ضيفا عليك....
الى أن يجئ الصباح.....
وعدتك....
أن لا أحبك مثل المجانين في المرة القادمة
وأن لا أهاجم مثل العصافير....
أشجار تفاحك العالية.....
وأن لا أمشط شعرك -حين تنامين-
يا قطتي الغالية.....
وعدتك..أن لا أضيع بقية عقلي
اذا ما سقطت على جسدي نجمة حافية
وعدت بكبح جماح جنوني
ويسعدني أنني لا أزال
شديد التطرف حين أحب....
تماما .كما كنت في المرة الماضية....
وعدتك....
أن لا أطارحك الحب ..طيلة عام
وأن لا أخبئ وجهي....
بغابات شعرك طيلة عام...
وأن لا أصيد المحار بشطان عينيك طيلة عام....
فكيف أقول كلاما سخيفا كهذا الكلام؟؟؟
وعيناك داري.... و دار السلام..
وكيف سمحت لنفسي بجرح شعور الرخام؟؟؟
وبيني و بينك...خبز ....وملح....
وسكب نبيذ....وشدو حمام....
وأنت البداية في كل شيئ....
ومسك الختام....
وعدتك ....
أن لاأعود..... وعدت
وأن لا أموت أشتياقا.....
ومت....
وعدت بأشياء أكبر مني
فماذا بنفسي فعلت؟؟؟
لقد كنت أكذب من شدة الصدق..
و الحمد لله أني كذبت.......
<نزار قباني>